❗خاص❗ ❗️sadawilaya❗
دعوة مفاجئة أطلقها أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم، تتلخص في مد يد الحوار وكسر الجليد وتقارب مع السعودية، تركت صدى إيجابي لكل محب ينشد نبذ الفرقة، مقابل امتعاض وسكب زيت الفتنة على نار التباعد، لكل من امتهن التفرقة والاقتتال عبر بث كل ما يمكن أن يغذيها، أو لكل صوت يقتات على فُتاتٍ يحمله إليه بضع كلمات أو منشورات في هذا الصدد، فما كان لدعوة الشيخ نعيم قاسم إلا أن تركت ارتياحاً لكل مؤيد للجمع ونبذ الاقتتال، في ظل امتعاض لكل من اعتاش ويبتغي الخلافات سُبل عيش، فهل ستشهد المنطقة تقارباً سنياً شيعياً، يقوي لُحمة المسلمين ويعيد إليهم وجودهم ودورهم العالمي، أم أنها محاولة لن ترتقي سوى أن تكون مرة من مرات محاولة لم الشمل الاسلامي ؟
بداية، الإعلان والدعوة التي أطلقها الشيخ نعيم قاسم في العلن، جاءت بعد توافق مخفي حصل ويحصل، يناقش معظم نقاط الخلاف الدائر ويفككها، وما أعلنه الشيخ قاسم صراحة، لم يأتِ الا بعد التقارب الضمني الحاصل، تحديداً بين إيران والسعودية، فرضت على أحداث المنطقة واقعاً يؤكد اللُحمة بين المسلمين، لأنها الملاذ الوحيد لهم في ظل طغيان وجور وطمع كبير، تمارسه صهيونية متجذرة في الجغرافيا القريبة منا أو أمركة، تحاول ابتلاع العالم وخيراته، وقد اجتمعت عدة مؤشرات تؤكد صوابية وضرورة هذا التلاحم، من الاستهداف الاسرائيلي الذي حصل لقيادات المقاومة الفلسطينية في قطر، وقبله كمية التوحش والبطش التي تشهدها غزة، وغيرها من أحداث تحصل، ليست بعيدة أيضاً عن الشارع السوري وما تحتويه أروقته من متغيرات .
الضربة الإسرائيلية التي وُجهت إلى قطر مهما حاولوا تلطيفها أو تجميلها، لن يستطيعوا حذف كلمة اعتداء غاشم قامت به إسرائيل يمكن أن يتبعه اعتداءات في أي منطقة أخرى اعتبرها حكامها أنها بمنأى عن أي خطر وأن الحماية الأميركية موجودة للذود عنها حال تعرضها لأي انتهاك، إيراني - يمني، كما كانو يظنون، في مقابل ابداعات يمنية أثبتت للجميع أن أميركا لا تقوى على حماية نفسها وحماية اسرائيل في المنطقة وبالتالي لن تقوى على حماية دول الخليج، أضف إلى أنه رغم التقدم العسكري الحاصل، خاصة في المجال الصاروخي، في اليمن أو ايران، لم تكن ولن تكون، وجهة هذه الأسلحة سوى نحو إسرائيل، ولم تَحد البوصلة عن القدس ولن تحيد، إضافة إلى غليان مخبأ تشهده الساحة السورية، تنذر بالإطاحة بالحكم الجديد، ورسم خرائط جديدة وقوى أمر واقع مستجدة فيها، أضف إلى أن سياق كل الأحداث التي تدور، بينت أن إيران الشيعية، ومعها قوى شيعية أخرى في المنطقة، لم تهدف لغير زوال إسرائيل، ولم تعمل يوماً على محاولة الاقتتال مع أي حكم عربي، سني، رغم الأحداث التي سبقت .
إذن كل ما يحصل في المنطقة، يدق ناقوس الخطر نحو الحكم السني، العربي عموماً والخليجي خصوصاً، بأن كراسي حكمهم بدأت تتأرجح ولن يبقيها ثابتة أي طرف خارجي مهما بلغت سطوته، بل إن البقاء والثبات، يبقى داخلياً، لأن أهل مكة أدرى بشعابها، وأن الحركات الإقليمية الداخلية، التي ظنوا أنها عدواً لهم، تيقنوا أن هذه القوى لا تَكُن العداء، لغير اسرائيل طواغيت هذا العالم، ولا تريد الا الخير والتقارب مع جميع جيرانها الإقليميين .
غليان المنطقة وتبدلاتها، واحتمالية زوال كيانات، نتيجة تجبر صهيو- اميركي، فتح العين لدى هؤلاء الحكام بأن لا مناص لهم ولا ملجأ سوى جيرانهم الذين يشاركونهم الأرض والأوطان ويشاركونهم الديانة، تبقى بعض تفاصيل الاختلاف الديني البسيط، لا ترقى إلى خلاف يلزم القتال، وهناك فئات خارجية تسعى إلى ازكاء هذه الفتنة، لتُبقي البعض في المنطقة، يتوجسون من جيرانهم ويعتبرون أن أمانهم تؤمنه أميركا، والتي بدورها تقوم بإزكاء هذه الفتن ايضاً، لجعل منطقة الشرق الاوسط، سوقاً لتصريف منتجاتها وصناعاتها العسكرية الهائلة وتكسب تريليونات الدولارات من هكذا فتنة .
ربما كانت ضربة قطر وما قبلها وما سيليها، نواقيس خطر تدق مسامع هؤلاء الحكام، وتشعرهم بالخطر القادم، وربما كان الجنون الصهيوني والغطرسة الحاصلة، عاملاً مساعداً في وحدة المنطقة، وربما هناك أحداث أخرى تساهم في التفكير الصحيح المعمق، بعيداً عن أفكار يعمل الغرب واسرائيل عليها، لإبقاء ساحة الصراع دائرة ومشتعلة في المنطقة، ولربما حان الوقت بمسلمي الامة، سنة وشيعة أن يعودوا إلى وصاية رسولهم الاكرم، حتى يبقى لهم وجود، فيعودن الى" واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" ويستذكرون وصاياه في الوحدة ونبذ الفرقة، ويراقبون ما يجري من حولهم، وكيف تتعاطى أميركا مع اسرائيل في مقابل تعاطيها مع الآخرين في الشرق الأوسط .
رهانات كثير من كل من طَلب الوحدة دوماً ورفض التفرقة سابقاً ونبذ الفرقة بين المسلمين، فلربما نشهد تقارباً في غير جغرافيا إقليمية، يؤتي أُكله ويعود بالنفع على الجميع، ما عدا أميركا وأدواتها، وتغلق دكاكين التحريض التي لم تشبع من كل إزكاء للفتنة حتى تؤمن استمرارية معيشتها .
خُطى مباركة، علنية وفي الخفاء، تعمل على تقوية أواصر الوحدة ونبذ التفرقة لدى الجميع، خطوات ستترك أثراً طيباً وراحة في غير جغرافيا وتقارب محبب بين الكثيرين، تبقى العبرة في الخواتيم وفي البُعد عم شيطنات أميركية وأخرى صهيونية، تسعى من خلالها لمنع أي تقارب . يبقى الرجاء ويبقى الامل، في وعي الجميع، وحُسن تقديرهم لما يعملونه في المنطقة وللسير قُدماً نحو أي تقارب سني - شيعي، لأن كل تقارب فيه دق اسفين في نعوش كل اولئك الطغاة الذين اعتادوا الفُرقة سبيلَ استمرارٍ، وينعم الاسلام ببعض قدرات ممن كان يختزنها، ويعود إلى الجذور السابقة، التي استطاع من خلالها يوماً، أن يحكم العالم .
حمزة العطار